البلطجة

"قانون البلطجة الجديد"

البلطجة مسمى شائع ومتداول في معظم أنحاء الوطن العربي بل والعالم بأسره- وظاهرة البلطجة ليست بالظاهرة المستحدثة على الإطلاق داخل دول العالم ولكنها ظاهرة قديمة وموجودة منذ قديم الزمان- فالبلطجة تعنى قيام شخص أو أكثر باستعراض القوة أو التلويح بها أو استخدامها ضد شخص أو أشخاص آخرين- وقد تصحب أعمال البلطجة حدوث إصابات أو إزهاق للروح أو إتلاف للمنقولات أو ما شابه - لذلك استحدث المشرع المصري حديثا قانون البلطجة الموجود منذ قديم الزمان استحدثه بمواد قانونية جديدة تعظم من العقوبة المقررة له- وذلك لما تسببه اعمال البلطجة من تكدير للسلم والامن العام ومن بث روح الخوف والرعب داخل الغالبية العظمى من الاشخاص.

فكان لا بد من تغليظ العقوبات المقررة للبلطجة لتحقيق مزيد من الردع ولتحقيق مزيد من الانضباط داخل الشارع المصري- وعليه قام المشرع المصري بمضاعفة العقوبات المقررة للبلطجة في القانون القديم رقم 58 لسنة 1937 واستحدثه بالقانون 164 لسنة 2019 وذلك بمضاعفة الحد الأدنى للعقوبة المقررة.

لذلك سنقوم في هذا المقال بداية بتعريف البلطجة وفقا لما نص عليه في قانون العقوبات ثم سنتحدث عن أركان جريمة البلطجة وأخيرا سنوضح ما استحدثه القانون الجديد من عقوبات للبلطجة وذلك على النحو التالي:-

أولا:- تعريف البلطجة:-

تعرف البلطجة بأنها الأفعال التي من شأنها التخويف والترويع والمساس بالطمأنينة العامة للناس- ويمكن تعريف البلطجة أيضا بأنها قيام شخص أو أكثر باستعراض القوة أو التلويح لها بالعنف أو التهديد بأيهما ضد أشخاص آخرين بقصد ترويعهم وبث الخوف بداخلهم سواء أكان ذلك من أجل الحصول على منفعة لنفسه أو لغيره- أو دون الحصول على منفعة.

وبناء على ما سبق فالبلطجة ما هي إلا تخويف وترويع للمواطنين دون وجه حق ودون سند قانوني ويقوم شخص ما باستخدام هذه القوة والعنف غالبا من أجل التهديد أو الوعيد أو الحصول على منفعة من الأشخاص الذي يقوم باستخدام البلطة تجاههم .

ثانيا:- أركان جريمة البلطجة:-

لكل جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أركان لا بد أن تتوافر في هذه الجريمة حتى يتحقق العقاب المناسب والمنصوص عليها بقانون العقوبات.

وجريمة البلطجة شأنها شان أي جريمة أخرى تتكون من أركان وهي على النحو التالي:-

1- الركن المادي:- والركن المادي في جريمة البلطجة يعنى الفعل الذي يأتي به المتهم تجاه المجني عليه وقد حدد القانون هذا الفعل بنصه أنه كل فعل من شأنه التخويف أو الترويع أو استعراض القوة أو التلويح بها أو باستخدام العنف- فلا بد أن يأتي المتهم بفعل من هذه الأفعال ويسمى فعل البلطجة حتى يتكون الركن المادي للجريمة.

2- الركن المعنوي:- ويقصد به القصد الجنائي- ويعنى أن تتجه نية وإرادة المتهم إلى بث الخوف والرعب داخل المجني عليه من أجل ترويعه لإكراه على فعل عمل معين أو الامتناع عن فعل عمل معين.

فإذا قام المتهم على سبيل المثال بأي عمل عادى ولكنه بث الخوف داخل أحد الأشخاص لكونه على خلاف مع المتهم- وكان المتهم لم يقصد من هذا الفعل على الإطلاق أن يبث الخوف داخل المجني عليه وإنما قام به على سبيل الحرفة أو المهنة العادية- كالجزار الذي يستخدم السكاكين في مهنته أو النجار الذي يستخدم الآلات حادة في صنعته- فإذ قام أي منهما باستخدام تلك الأدوات وشاهدها أحد الأشخاص الذي على خلاف معهم- فهنا لا يتوفر الركن المعنوى لأن ارادة المتهم لم تتجه الى بث الخوف والرعب داخل المجنى عليه وانما يقوم بهذه الاعمال على سبيل الحرفة المرخص له بها قانونا.

والركن المعنوي في هذه الجريمة يتم استنباطه من ظروف الحال ومن الظروف المحيطة بالفعل الذي يقوم به المتهم.

والقصد الجنائي المتطلب في هذه الجريمة ذو شقي أحدهما قصد عام والآخر قصد خاص- ويقوم القصد العام لجريمة البلطجة على العلم والإرادة فيجب أن يعلم الجاني أن فعله الذي يقوم به من شأنه أن يبث الخوف والرعب داخل المجني عليه كما يجب أن تتجه إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة.

والقصد الخاص يعنى في هذه الجريمة أن تتجه إرادة الجاني إلى تخويف وترويع المجني عليه وإلحاق الأذى المادي أو المعنوي به أو بأسرته.

فمتى تحققت الأركان سالفة البيان تحققت جريمة البلطجة وتوافرت في حق مرتكبها العقوبات المقررة قانونا.

ثالثا:- العقوبات المقررة لجريمة البلطجة:-

لقد نص المشرع المصري في قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والمعدل بالقانون رقم 164 لسنة 2019 على العقوبة المقررة لجريمة البلطجة فقد نص على:-

"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتي كل من قام بنفسه او بواسطة غيره باستعراض القوة امام شخص او التلويح له بالعنف او بتهديده باستخدام القوة او العنف معه او مع زوجه او اصوله او فروعه او اقاربه حتى الدرجة الثالثة او الافتراء عليه او على أي احد منهم او التعرض حرمة حياته الخاصة وذلك لترويع المحنى عليه لتخويفه او الحاق الاذى به بدنيا او معنويا او هتك عرضه او سلب ماله او تحصيل منفعة منه او التاثير فى ارادته لفرض السطوة عليه او ارغامه على القيام بعمل او الامتناع عن عمل"

كما نص المشرع ايضا على "تكون العقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات لاى جناية وقعت اذا حدث الفعل او التهديد من شخصي فاكثر او وقع باصطحاب حيوان يثير الذعر او بحمل سلاح او الة حادة او عصا واى جسم صلب او الة كهربائية او مادة حارقة او كاوية او غازية او مخدرة- ويضاعف الحدان الادنى والاعلى للعقوبة المقررة لاى جنحة اخرى تقع بناء على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها سلفا"

"ونص المشرع أن تكون العقوبة الإعدام إذا نتج عن الأفعال السابقة قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو أحداث تشويه أو أي عاهة أخرى دائمة ويعاقب المحرض بعقوبة الفاعل.

وبناء على ما سبق يتضح لنا أن المشرع في قانون العقوبات المعدل لعام 2019 قد غلظ العقوبات التي كانت مقررة في القانون القديم رقم 58 لسنة 1937 وذلك بمضاعفة الحد الأدنى والأقصى لها بغرض تحقيق الردع العام لتلك الجريمة التي باتت تحدث في كل وقت وفي أي مكان نتيجة لضعف القبضة الأمنية على بعض الأماكن داخل القطر المصري.

الخاتمة:-

وبذلك نكون قد انتهينا من مقال اليوم والخاص بجريمة البلطجة حيث بدأنا حديثنا بتعريف تلك الجريمة ثم بعد ذلك تحدثنا عن أركان تلك الجريمة واضحان أنها تتكون من ركنين مادي ومعنوي وان الركن المعنوي المتطلب لتلك الجريمة يجب أن يتوافر به القصد العام والخاص معا حتى تتحقق هذه الجريمة.

وأخيرا تحدثنا عن العقوبة المقررة لتلك الجريمة وظروفها المشددة وأوضحنا أن المشرع قد ضاعف حداها الأدنى والأقصى لتلك الجريمة.